قال ابن عباس: (وما تكون) يا محمد (في شأن) يريد من أعمال البر (١).
وقال الحسن: في شأن من شأن الدنيا، وحوائجك فيها (٢)، ويجوز أن يكون المراد به المصدر يعني قصد الشيء، قال الشاعر (٣):

يا طالب الجود [إن الجود] (٤) مكرمة لا البخل منك ولا من شأنك الجودا (٥)
أي ولا من قصدك الجود، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ﴾ اختلفوا في الكناية في (منه)، فقيل: إنه كناية عن القرآن (٦)، على تأويل: وما تتلو من القرآن، أي من جميعه ﴿مِنْ قُرْآنٍ﴾ أي من (٧) شيء؛ لأن عامته قرآن وبعضه أيضاً قرآن، وقد سبق ذكر القرآن في معنى قوله: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ﴾ [يونس: ٥٨] والمعنى وما تتلو من القرآن من سورة.
وقال بعض أهل المعاني: ذكر القرآن بالإضمار ثم بالإظهار لتفخيم ذكره، على نحو قوله: ﴿إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (٨) [النمل: ٩]، وقد قيل: إن معناه من الله (٩)، أي ما تتلو من قرآن من الله، أي نازل منه، ويجوز أن
(١) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٧/ ١٢١.
(٢) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٧/ ١٢١، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥١.
(٣) "مقاييس اللغة" ٣/ ٢٣٨.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).
(٥) في (م): (الجودُ)، والصواب ما أثبته إذ هو مفعول به للمصدر (شأن) الذي هو بمعنى القصد كما بينه المؤلف.
(٦) هذا قول ابن جرير ١١/ ١٢٩، واحد قولي الزمخشري في "كشافه" ٢/ ٢٤٢.
(٧) ساقط من (ح).
(٨) وقد اعتمد هذا القول الزمخشري ٢/ ٢٤٢، وانظر: "الدر المصون" ٦/ ٢٢٨.
(٩) هذا قول السمرقندي ٢/ ١٠٣، والثعلبي ٧/ ١٨ أ، والبغوي ٤/ ١٣٩، وهو القول الآخر للزمخشري ٢/ ٢٤٢.


الصفحة التالية
Icon