فحمل الصفة على الموضع، ومما يجوز أن يكون محمولًا على الموضع قوله: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ وقوله: ﴿فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [المنافقون: ١٠]، وقول الشاعر:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا (١)
قال: وقد يجوز أن يعطف قوله: ﴿وَلَا أَصْغَرَ﴾ على ﴿ذَرَّةٍ﴾ فيكون التقدير: وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا مثقال أصغر، فإذا حمل على هذا لم يجز فيه إلا الجر؛ لأنه لا موضع للذرة غير لفظها كما كان لقوله: ﴿مِنْ مِثْقَالِ﴾ (٢) موضع غير لفظه، ولا يجوز على قراءة من قرأ بالرفع أن يكون معطوفًا على (ذرة) كما جاز في قراءة الباقين؛ لأنه إذا عطف على ﴿ذَرَّةٍ﴾ وجب أن يكون مجرورًا (٣)، وإنما فتح؛ لأنه لا ينصرف، وكذلك يكون على قول من عطفه على الجار الذي هو (من) (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، قال ابن عباس: يريد: اللوح المحفوظ (٥)، وذكرنا معنى إثبات الله الكائنات في اللوح المحفوظ عند

(١) عجز بيت وصدره:
معاوي إننا بشر فأَسْجِح
والبيت لعقبة أو عقيبة الأسدي كما في "خزانة الأدب" ٢/ ٢٦٠، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٣١، "شرح أبيات سيبويه" ١/ ٣٠٠، "شرح شواهد المغني" ٢/ ٨٧٠، "كتاب سيبويه" ١/ ٦٧، "لسان العرب" (غمز) ٦/ ٣٢٩٦.
ومعنى الإسجاح: حسن العفو والتسهيل. انظر: "لسان العرب" (سجح) (١٩٤٤).
(٢) في "الحجة": من مثقال ذرة.
(٣) في "الحجة": وجب أن يكون (أصغر) مجرورًا.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٢٨٥ بتصرف.
(٥) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤٣، والمؤلف "الوسيط" ٢/ ٥٥٢،=


الصفحة التالية
Icon