فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: يريد عند الموت، تأتيهم ملائكة الرحمة بالبشرى من الله ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ يريد: عند خروج نفس المؤمن إذا خرجت يعرجون (١) بها إلى الله تزف كما تزف العروس تبشر برضوان الله (٢)، وهذا قول الزهري (٣)، وقتادة (٤)، والضحاك (٥) قالوا: هي بشارة الملائكة للمؤمن عند الموت.
وقال الحسن: هي ما بشرهم الله عز وجل به في كتابه من جنته وكريم ثوابه، في قوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥]، ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٤٧]، ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾ (٦) [فصلت: ٣٠]، وهذا اختيار الفراء (٧)، والزجاج (٨)، قالا: ويدل على صحة هذا قوله بعد هذا ﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ (٩)، قال ابن عباس: يريد لا خلف لمواعيد الله، وذلك أن مواعيده بكلماته، فإذا لم تبدل كلماته بوضع غيرها بدلاً منها لم تبدل مواعيده (١٠).
(٢) رواه الثعلبي ٧/ ١٩ ب، والبغوي ٤/ ١٤١، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥٣.
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٢/ ٢٩٦، والطبري ١١/ ١٣٨، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٦ أ، والثعلبي ٧/ ١٩ ب، والبغوي ٤/ ١٤١.
(٤) المصادر السابقة، نفس المواضع.
(٥) المصادر السابقة عدا عبد الرزاق والبغوي، نفس المواضع.
(٦) رواه الثعلبي ٧/ ١٩ ب، والبغوي ٤/ ١٤١.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٤٧١، ولم يصرح باختياره، بل جوّز أن يكون المراد ذلك.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦.
(٩) القول بنحوه للزجاج، وأما عبارة الفراء فنصها: ثم قال: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ أي الخلف لوعد الله.
(١٠) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤٤، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥٤.