وقال صاحب النظم: افتراؤهم متاع في الدنيا، ودل ﴿يَفْتَرُونَ﴾ علي الافتراء، كما قال: ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر: ٧] فكنى عن الشكر؛ لأن ﴿تَشْكُرُوا﴾ دلّ عليه. وعلى ما ذكره (١) يجوز أن يعود ما أضمره الفراء والزجاج من قولهما (هو) أو (ذاك) (٢) إلى الافتراء الذي دل عليه ﴿يَفْتَرُونَ﴾.
وقوله: ﴿ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ﴾، قال ابن عباس: الغليظ: الذي لا ينقطع (٣)، ﴿بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾، قال: يريد: بنعم الله ويجحدون ربوبيته (٤).
٧١ - قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي﴾ الآية، قال: كَبِرَ يكبَر كِبَرًا في السنن، وكَبُر الأمر والشيء: إذا عظم يَكْبُر كِبَرًا وكَبَارة (٥).
قال ابن عباس: يريد ثقل عليكم (٦)، ومعناه شق عليكم، وعظم أمره عندكم.
والمقام -بضم الميم-: مصدر كالإقامة، يقال: أقام بين أظهركم
(٢) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٣/ ٢٧، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٧٢، ولم يقدر الزجاج لفظ (هو).
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٠٦ مختصرًا.
(٤) في المصدر السابق، نفس الموضع: "بما كانوا يكفرون" بمحمد - ﷺ - والقرآن ويكذبون على الله.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (كبر) ٤/ ٣٠٩٠ - ٣٠٩٣، "الصحاح" (كبر) ٢/ ٨٠١.
(٦) "تنوير المقباس" ص ٢١٧ بنحوه، وذكره الرازي في "تفسيره" ١٧/ ١٠٣٦ نقلاً عن "البسيط" للواحدي.