فأضمر (هو سحر) بعد القول؛ لأن الكلام المحكي يصلح إضماره إذا ظهر ما يدل عليه، والإضمار مع القول أمكن منه مع غيره، والدليل على المضمر قوله: ﴿أَسِحْرٌ هَذَا﴾ قال الشاعر (١):
قلنا لهم وقالوا... وكل له (٢) مقال
فأضمر المحكي مع القول ثقة بعلم المخاطب به ولم يذكر أَيش (٣) قالوا، وأَيش قيل لهم.
وقال أبو إسحاق: قوله: ﴿أَسِحْرٌ هَذَا﴾ هو تقرير لقوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ثم قررهم فقال (٤): ﴿أَسِحْرٌ هَذَا﴾ (٥)، وهذا من كلامه (٦) يدل على أنه اختار الوجه الثالث من الأوجه التي ذكرها الفراء، وهو أنه جعل قوله: ﴿أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ﴾ صلة.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ﴾ قال (٧): المفلح الذي يفوز بإرادته (٨)، أي: فكيف يكون هذا سحرًا، وقد أفلح الذي أتى به، أي فاز وفلح (٩) في حجته.

(١) البيت من أمثلة العروض المشهورة.
(٢) في (ح) و (ز): (لهم).
(٣) سبق بيان معنى هذه الكلمة في أول الأنفال، ومعناها: أي شيء.
(٤) في (ى): (فقالوا)، والمثبت موافق للمصدر.
(٥) اهـ كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٩.
(٦) يعني الزجاج.
(٧) يعني الزجاج، انظر المصدر السابق، نفس الموضع.
(٨) أي: بما يريد.
(٩) هكذا في جميع النسخ بالحاء، وهو كذلك في "معاني القرآن وإعرابه"، قال الجوهري في "الصحاح" (فلح) ١/ ٣٩٢: الفلح لغة في الفلاح، وفي "لسان =


الصفحة التالية
Icon