وقال الفراء: إنما قالوا ذلك لهما؛ لأن النبي إذا صُدِّق صارت مقاليد أمته وملكهم إليه (١)، وهذا بيان عن جهلهم حيث توهموا أن الصواب في اتباع الأسلاف وأن الداعي إلى خلافه إنما يريد التملك عليهم باتباعهم إياه وانقيادهم له (٢).
٨١ - قوله تعالى: ﴿قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ﴾، (ما) هاهنا موصولة بمعنى (الذي) وهي مرتفعة بالابتداء وخبرها (السحر)، قال الفراء: وإنما قال: ﴿السِّحْرُ﴾ بالألف واللام؛ لأنه جواب لكلام (٣) قد سبق، ألا ترى أنهم قالوا لما جاءهم به موسى ﴿هَذَا سِحْرٌ﴾ (٤) فقال موسى: بل ما جئتم به السحر (٥).
قال أبو بكر: فوجب دخول الألف واللام؛ لأن النكرة إذا عادت عادت معرفة، يقول الرجل لمخاطبه: لقيت رجلاً، فيقول له: من الرجل؟ فيعيده بالألف واللام، ولو قال له من رجل؟ لم يقع في وهمه أنه يسأله عن الرجل الذي ذكره له (٦).
(٢) ساقط من (ى).
(٣) من (م) وفي بقية النسخ: (الكلام)، والصواب ما أثبته وهو موافق للمصدر.
(٤) ورد قولهم هذا في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [النمل: ١٣].
(٥) اهـ. كلام الفراء، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٧٥.
(٦) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٧/ ١٤٢، لكنه لم ينسبه لابن الأنباري، بل أدخله ضمن قول الفراء.