والعدْو: الظلم، وهذا ما سبق القول فيه (١)، وقوله تعالى: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ﴾، وقرئ بكسر الألف (٢)، فمن فتح الألف فلأن هذا الفعل يصل بحرف الجر نحو: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣] فلما حذف الحرف وصل الفعل إلى (أن) فصار (٣) في موضع نصب أو خفض على الخلاف في ذلك، ومن (٤) كسر الألف حمله على القول المضمر، كأنه: آمنت فقلت إنه، وإضمار القول في هذا النحو كثير، ولإضمار القول من المزية هنا أن قلت: إنه لا إله إلا الله في المعنى إيمان (٥)، فإذا قال: آمنت، فكأنه قد ذكر ذلك.
قال ابن عباس في هذه الآية: فلم يقبل الله إيمانه عند [نزول العذاب، وقد كان في مهل، ولم يفعل الله ذلك بأحد عند] (٦) نزول العذاب، أو غرغرة الموت من المشركين، إلا قوم يونس (٧) وهذا قول جميع المفسرين (٨)، قالوا: إن فرعون تلفظ بما ذكر الله عنه من قوله: {آمَنْتُ أَنَّهُ
(٢) قرأ حمزة والكسائي وخلف (إنه) بكسر الهمزة والباقون بفتحها. انظر: كتاب "السبعة" ص ٣٣٠، "إرشاد المبتدي" ص ٣٦٥، "تقريب النشر" ص ١٢٣.
(٣) في (ى): (صار).
(٤) في (ى): (وإن)، وهو خطأ.
(٥) يعني: أن قول كلمة الإخلاص إيمان، فقولها بمعنى قول: آمنت.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ عدا (م).
(٧) لم أجده بهذا السياق، وقد ذكر أوله ابن الجوزي ٤/ ٥٩، وروى نجاة قوم يونس عنه جمع من المفسرين. انظر: "الدر المنثور" ٣/ ٥٦٨ - ٥٦٩.
(٨) انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٦٢، والسمرقندي ٢/ ١١٠، والزمخشري ٢/ ٢٥١، وابن الجوزي ٤/ ٦٠٢، والرازي ١٧/ ١٥٤.