وكذلك يقول متمثلهم: إياك أعني واسمعي يا جارة (١)، ومثل هذا قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ [الأحزاب: ١] الآية، الخطاب للنبي - ﷺ - والمراد بالوصية والعظة المؤمنون، يدل علي ذلك قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢] ولم يقل بما تعمل.
وقال أبو إسحاق: إن الله -عز وجل- يخاطب النبي - ﷺ - وذلك الخطاب شامل للخلق، والمعنى فإن كنتم في شك فاسألوا (٢)، والدليل علي ذلك قوله في آخر السورة: ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ﴾ [يونس: ١٠٤] الآية، فَأعْلَم الله أن نبيه ليس في شك، وأمره أن يتلو عليهم ذلك، وهذا أحسن الأقوال. انتهى كلامه (٣)، وهذا (٤) الذي ذكرنا مذهب ابن عباس (٥)، والحسن (٦)، وأكثر أهل التأويل (٧).
قال ابن عباس في هذه الآية: لم يرد النبي - ﷺ -؛ لأنه لم يشك في الله، ولا فيما أوحى إليه، ولكن يريد من آمن به وصدقه، أمرهم أن يسألوا لئلا ينافقوا كما شك المنافقون.
(٢) في (ح) و (ز): (قالوا)، وهو خطأ.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٣٢ بتصرف واختصار.
(٤) في (ح) و (ز): (وهو)، وهو خطأ.
(٥) سيأتي تخريج قوله.
(٦) رواه ابن الأنباري في "المصاحف" كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٧١.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٢، "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٦٨ - ١٦٩، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٢٠٤ - ٢٠٥، "تأويل مشكل القرآن" له ص٢٧٠، "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٣١٦، "المحرر الوجيز" ٧/ ٢١٨.