قال أبو بكر: واللام في ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ متعلقة بالفعل الأول ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ يعني لكي يختبركم بالمصنوعات فيها من آياتها، فيثيب المطيع المعتبر بما يرى ويشاهد، ويعاقب أهل العناد للحق.
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ إلى آخر الآية، قال أبو إسحاق (١): أعلمهم الله -عز وجل- أن القدرة على خلق [السموات والأرض] (٢) تدل على بعث الموتى، ومعنى هذا ما ذكره؛ أبو بكر؛ وهو أنه قال: إنما ذكر الله تعالى جحد أهل الكفر البعث بعد خلق السموات والأرض للابتلاء؛ لأن الكفار كانوا معترفين بابتداء خلق الله الأشياء وأنكروا البعث، فعجب من أنهم يجحدون من البعث ما ابتداء (٣) الخلق أعظم منه، فمن اعترف بالعظيم لزمه أن لا يجحد ما يصغر شأنه في جنب ما قد صدقه.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾، وليس هذا القول الذي ذكره الله -عز وجل- يوجب أن ينسب إلى السحر؛ لأن هذا خبر وليس بفعل ناقض للعادة، وقال أبو إسحاق (٤): السحر باطل عندهم، وكأنهم قالوا إن هذا إلا باطل بيّن، يعني هذا القول الذي يقول لنا: أنا نبعث بعد الموت. وقال صاحب النظم: معنى السحر هاهنا الخداع، ومن هذا قوله: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ (٥) أي مخدوعًا؛ لأن به سحرًا قد عمل به.
٨ - قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ﴾ الآية، اللام في
(٢) في (ج): (الأشياء).
(٣) هكذا في (ب)، وفي (ي): يجحدون من البعث من ما ابتداء الخلق أعظم منه. اهـ.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٤٠.
(٥) الإسراء: ٤٧، الفرقان: ٨.