قال ابن الأنباري: فعلى هذا القول، المعني [بهذا الوصف] (١) قوم من أهل الإسلام يعملون العمل الحسن لتستقيم به دنياهم، غير متفكرين في الآخرة وما ينقلبون إليه، فهؤلاء يعجل لهم جزاء حسناتهم في الدنيا، فإذا جاءت الآخرة كان جزاؤهم عليها النار، إذا لم يريدوا بها وجه الله، ولم يقصدوا التماس ثوابه وأجره، فإن قيل: على هذا القول الآية الثانية توجب تخليد المؤمن في النار؛ لأنه قال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ﴾، قيل: من مات على الإيمان [لم يخلد في النار] (٢) وظاهر هذه الآية يدل على أن من راءا بعمله ولم يلتمس ثواب الآخرة، ونوى بعمله الدنيا، بطل إيمانه عند الموافاة؛ لأن قوله تعالى ﴿وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ شامل للإيمان وفروعه.
وقال ابن الأنباري: إن القوم لا يخلدون في النار، إذ كان عموم التوحيد معهم، وإنما يحرقون بالنار بالذنوب السابقة، ثم يخرجون منها إلى الجنة (٣).

(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) مذهب أهل السنة والجماعة أن الموحد لا يخلد في النار وإن دخلها فإن مآله إلى الجنة، قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: فإن قيل الآية تقتضي تخليد المؤمن المريد بعمله الدنيا في النار، قيل: إن الله سبحانه ذكر جزاء من يريد بعمله الدنيا وزينتها وهو النار، وأخبر بحبوط عمله وبطلانه، فهذا أحبط ما ينجو به وبطل، لم يبق معه ما ينحيه، فإن كان معه إيمان لم يرد به الحياة الدنيا وزينتها بل أراد به الله والدار الآخرة لم يدخل هذا الإيمان في العمل الذي حبط وبطل، ونجاه هذا الإيمان من الخلود في النار، وإن دخلها بعمله الذي به النجاة المطلقة، فالإيمان إيمانان. إيمان يمنع دخول النار وهو الإيمان الباعث على أن =


الصفحة التالية
Icon