وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ يعني أهل مكة (١).
١٨ - وقوله تعالي: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ معناه لا أحد أظلم منه، إلا أنه خرج مخرج الاستفهام، مبالغة في أنه أظلم لنفسه من كل ظالم، إذ لا يصح الجواب عمن هو أظلم منه، قال ابن عباس: يريد كذب على الله، مثل قولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وذكرنا ما في هذا في سورة الأنعام (٢).
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ﴾، ذكرنا معنى العرض عند قوله: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ (٣)، قال أبو إسحاق (٤): والخلق كلهم يعرضون على ربهم، وذكر عرض هؤلاء، توكيدًا لما لهم في الانتقام منهم.
قال ابن الأنباري: ومعناه أن العذاب نازل بهم غير مندفع (٥) عنهم، فذكر عرضهم تصحيحًا لتعذيبهم، وتحقيقًا لما ينزل بهم، فوقع الاختصاص في الآية لما كان المعنى: أولىك لا يفوتون الله ولا يسبقون (٦) عذابه.
(٢) آية: ٢١. وقد نقل هنالك عن ابن عباس قوله: "ومن أكفر ممن اختلق على الله كذبًا فأشرك به الآلهة"، وقال أهل المعاني: (هذا الاستفهام معناه الجحد، أي لا أحد أظلم منه؛ لأنه جوابه كذلك فاكتفى من الجواب بما يدل عليه).
(٣) البقرة: ٣١. قال هنالك: "ومعنى العرض في اللغة: الإظهار، ومنه عرض الجارية وعرض الجند، الليث: ويقال أعرض الشيء، أي بدا وظهر".
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٤٤.
(٥) في (ي): (منتفع).
(٦) في (ب): (يشفعون).