قال ابن الأنباري (١): وهذا يقتضي محذوفًا تلخيصه: من أولياء يمنعونهم من عذاب الله، ويحاولون نصرتهم، فحذف عند شهرة المعنى، ثم استأنف فقال: ﴿يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ﴾، قال ابن عباس: يعني يوم القيامة، وقال الزجاج (٢): وصف مضاعفة العذاب على قدر ما وصف من عظيم كفرهم بنبيه - ﷺ - وبالبعث والنشور، وقال أبو بكر (٣): استحقوا مضاعفة العذاب لإضلالهم الأتباع، واقتداء غيرهم بهم (٤).
وقوله تعالى: ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا شيئًا من عظمتي وجبروتي، يريد: أني حلت بينهم وبين الإيمان (٥). وقال قتادة (٦): هم صم عن الحق فلا يسمعون، وعمي فلا يبصرون ولا يهتدون، وقال الوالبي عن ابن عباس (٧): حال الله بين أهل الكفر وبين أهل الطاعة في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا ففي قوله: ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾، وأما في الآخرة ففي قوله: ﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم: ٤٢]، وهذا مذهب المفسرين في هذه الآية، ذكره الفراء وابن الأنباري.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٤٥.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٩٠، والبغوي ٤/ ١٦٩.
(٤) في (ب): (به).
(٥) الطبري ١٢/ ٢٢ - ٢٣، الثعلبي ٧/ ٣٨ أ، صحيفة علي بن أبي طلحة / ٢٨٤، "زاد المسير" ٤/ ٩١، البغوي ٤/ ١٦٩.
(٦) الطبري ١٢/ ٢٢، الثعالبي ٧/ ٣٨ أ، ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠١٨.
(٧) الطبري ١٢/ ٢٢، الثعلبي ٧/ ٣٨ أ، البغوي ٤/ ١٦٩، ونصه: "أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة... إلخ ".