قال أبو بكر (١): ومعنى هذا: ما كانوا يستمعون الحق ولا يبصرون ما فيه لهم (٢) الرشد؛ لعنادهم وشدة عداوتهم، فصاروا لملازمتهم الإعراض عن الخير بمنزلة من لا يستطيعه، وإن كان مستطيعًا له في الحقيقة، كما تقول للرجل: ما تستطيع أن تنظر إلى من شدة العداوة، أي أنت بإيثارك الإعراض عني، بمنزلة من لا يستطيع النظر إلى، ومعلوم أنه لو شاء أن ينظر إليه لنظر.
ثم بين جل وعز أن ضرر ذلك راجع عليهم، فقال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾، قال ابن عباس: أي صاروا إلى النار، وخسران النفس أعظم الخسران؛ لأنه ليس منها عوض.
وقوله تعالى: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي: بطل افتراؤهم في الدنيا فلم ينفعهم في الآخرة شيئًا (٣)، قال الحسن (٤): ذهبت عنهم الأوثان التي كانوا يؤملون بها الانتفاع.
٢٢ - قوله تعالى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ [اختلفوا في معنى "لا جرم"؛ فقال ابن عباس (٥): يقول: حقا إنهم في الآخرة هم الأخسرون] (٦)، وكذلك قال أكثر (٧) المفسرين.

(١) "زاد المسير" ١/ ٣٤٦، "البحر" ٢/ ٧٦٦.
(٢) ساقط من (ي).
(٣) انظر: "البحر المحيط" ٥/ ٢١٢، ابن كثير ٢/ ٤٨٣، القرطبي ٩/ ٢٠، ابن عطية ٧/ ٢٦٦.
(٤) انظر: "تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٢٢١.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٩١.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).
(٧) ساقط من (ي).


الصفحة التالية
Icon