بِقُوَّةٍ}، ذكره أبو علي (١)، ومن كسر (٢) حمله على القول المضمر؛ لأنه مما قد أضمر كثيرًا في القرآن، والتقدير: فقال لهم: إني نذير مبين، والكلام في هذا على وجهه ولم يرجع إلى الخطاب بعد الغيبة.
٢٦ - قوله تعالى: ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾، حمل أبو إسحاق قوله ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا﴾ على معنى نذير مبين؛ فقال (٣): المعنى: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بالإنذار ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾ أي (٤) أنذركم لتوحدوا الله وتتركوا عبادة غيره، وحمل أبو علي (٥) ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا﴾ على الإرسال، كما حمل ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ كأنه قال نوح: أرسلت بأني لكم نذير مبين، وبأن لا تعبدوا إلا الله، ومن قرأ "إني" بكسر الألف (٦) كان قوله: ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ اعتراضًا بين الفعل والمفعول، هذا معنى كلامه، وقول أبي إسحاق أظهر.
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾، قال الزجاج (٧): إنما وصف اليوم بالأليم؛ لأن الإيلام فيه يقع، والمعنى عذاب يوم مؤلم.

(١) "الحجة" ٤/ ٣١٥.
(٢) سيأتي تخريج القراءة بعدُ.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٤٦.
(٤) في (ي): (أني).
(٥) "الحجة" ٤/ ٣١٦.
(٦) بها قرأ نافع وابن عامر وحمزة. انظر: "السبعة" ٣٣٢، "التبصرة" ٥٣٨، "الكشف عن وجوه القراءات السبع" لمكى ١/ ٥٢٥، "الحجة" ٤/ ٣١٥، الثعلبي ٧/ ٣٨ ب.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٤٦، وعبارته (إنما وصف اليوم بالألم؛ لأن الألم فيه يقع، والمعنى عذاب يوم مؤلم أي: موجع).


الصفحة التالية
Icon