ونحوه قال أبو علي (١): أراد اتبعوك في أول الأمر من غير أن يتبعوا الرأي بفكر وروية فيه.
وهذه الأقوال معناها واحد، وذكرتها لزيادة البيان، قال غير هؤلاء: معنى قوله: ﴿أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ أول ما نراهم نزدريهم ونسترذلهم.
قال ابن الأنباري (٢): ويجوز لمن ترك الهمز في بادي أن ينوي اصطحاب الهمز ويحتج بأن الهمز مُلَيَّن ومعناه مطلوب، وبنحو من هذا قال أبو علي (٣)، وقد يجوز في قول من همز أن يخفف ويقول: بادي، فتقلب الهمزة ياء لانكسار ما قبلها، فيكون كقولهم (٤): (مِيَر) في جمع ميرة، و (ذِيَب) في جمع ذيبة.
قال أبو بكر: وانتصاب المهموز وغير المهموز بالاتباع على مذهب المصدر، أي اتبعوك اتباعًا ظاهرًا أو اتباعًا مبتدأ.
وقال أبو إسحاق (٥): فأما نصب ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ فعلى اتبعوك في ظاهر الرأي، وعلى ظاهر الرأي، ومن قال: بادي فعلى ذلك نصبه. وهذا الذي قاله أبو إسحاق مخالف لما قاله أبو بكر، وشرح أبو علي (٦) قولة أبي إسحاق، وذلك أنه لما قال: في ظاهر الرأي، وعلى ظاهر الرأي جعله ظرفًا فقال أبو علي: اسم الفاعل جاز أن يكون ظرفًا كما جاز في (فعيل)

(١) "الحجة" ٤/ ٣١٧.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ٩٦.
(٣) "الحجة" ٤/ ٣١٨ بنحوه.
(٤) في (ب): (قولهم من غير كاف).
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٤٧.
(٦) "الحجة" ٤/ ٣١٨ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon