وجاء به من عند نفسه، والهاء تعود إلى الوحي الذي أتاهم به.
وقوله تعالى: ﴿فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾، الإجرام: اقتراف السيئة واكتسابها. قال الزجاج (١): ويقال جرم في معنى أجرم، ورجل مجرم وجارم، وهذا من باب حذف المضاف؛ لأن المعنى فعليّ إثم إجرامي أو عقوبة إجرامي. قاله أبو علي (٢) وغيره.
وقال أهل المعاني (٣): في الآية محذوف دل عليه الكلام، وهو أن المعنى إن كنت افتريته فعلي عقاب إجرامي، وإن كانت الأخرى فعليكم عقاب تكذيبي، فحذف ما حذف لدلالة الباقي عليه، كقوله: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: ٩]، ولم يذكر المشبه به.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ أي: من الكفر والتكذيب، والمعنى: أنه ليس علي من إجرامكم عائدُ ضرر، وإنما عائد الضرر عليكم، فاعملوا على تذكر هذا المعنى، وأكثر المفسرين (٤) على أن هذا من محاورة نوح قومه. وقال مقاتل (٥): ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ يعني (٦) محمدًا - ﷺ -، يقول المشركون: افترى القرآن، وهذه الآية معترضة بين قصة نوح عليه السلام.

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٤٩ بنحوه.
(٢) انظر:"الحجة" ٣/ ١٩٧.
(٣) القرطبي ٩/ ٢٩، البغوي ٤/ ١٧٣.
(٤) البغوي ٤/ ١٧٣، القرطبي ٩/ ٢٩، ابن عطية ٧/ ٢٨٣.
(٥) "تفسير مقاتل" ١٤٥ب، البغوي ٤/ ١٧٣، القرطبي ٩/ ٢٩، وبه قال الطبري ١٢/ ٣٢، ابن عطية ٧/ ٢٨٢.
(٦) ساقط من (ي).


الصفحة التالية
Icon