يريد: لا تراجعني ولا تحاورني ولا تسألني.
وقوله تعالى: ﴿فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، قال الزجاج (١) وأبو بكر: في إمهال الذين ظلموا، أو في تأخير العذاب عنهم، ويراد بالذين ظلموا قومه، قال ابن الأنباري: فدعا نوح بعد هذا القول طاعة لله واتباعًا لأمره علي قومه، فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ﴾ [نوح: ٢٦] الآية، وقيل: المراد بالذين ظلموا امرأته وابنه كنعان (٢).
٣٨ - قوله تعالى: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ﴾، قال أبو علي الجرجاني: معناه: وأقبل يصنع فاقتصر على قوله: ﴿وَيَصْنَعُ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ﴾، قال محمد بن إسحاق (٣): قالوا: يا نوح صرت بعد النبوة نجارًا؟ وقال عامة المفسرين (٤): إنهم رأوه ينجر الخشب، ويبني شبه البيت العظيم، فإذا سألوه عن ذلك قال: أعمل سفينة تجري في الماء، ولم يكونوا رأوا قبل ذلك السفينة، ولا ماء هناك يحمل مثلها، فكانوا يتضاحكون ويتعجبون من عمله لها، فقال نوح: ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾، قال أبو إسحاق (٥): إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم كما تستجهلون. وقال ابن الأنباري (٦): إن تسخروا منا لما ترون من صنعة الفلك فإنا نعجب من

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٠.
(٢) البغوي ٤/ ١٧٤، "البحر المحيط" ٥/ ١٢١.
(٣) الطبري ١٢/ ٣٦، "زاد المسير" ٤/ ١٠٣، البغوي ٤/ ١٧٥، ابن عطية ٧/ ٢٩٠.
(٤) البغوي ٤/ ١٧٥، "زاد المسير" ٤/ ١٠٣، القرطبي ٩/ ٣٢.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٠ بمعناه.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ١٠٣.


الصفحة التالية
Icon