اليعافير والوحوش، فيكون الاستثناء كالمتصل ولا يجوز هاهنا أن يكون المعصوم عاصما، هذا وجه في الاستثناء.
قال أبو إسحاق (١): ويجوز (٢) أن يكون ﴿عَاصِمَ﴾ في معنى معصوم ويكن معنى ﴿لَا عَاصِمَ﴾ هو: لا ذا عصمة، كما قالوا: (عيشة راضية) على جهة النسب، أي ذات رضا، ويكون ﴿مَنْ﴾ هو على هذا التفسير في موضع رفع ويكون المعنى: لا معصوم إلا المرحوم، ونحو هذا قال الفراء (٣) وقال: لا ينكرون أن يخرج المفعول على فاعل، ألا ترى قوله: ﴿مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: ٦] معناه: مدفوق، وقوله: ﴿فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢١] معناها: مرضية، وقال (٤):

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعمُ الكاسي
ومعناه: المكسو، فعلى قول الفراء يجوز أن يكون الفاعل بمعنى المفعول على ما ذكر، وقال علماء البصرة (٥): ﴿مَاءٍ دَافِقٍ﴾ بمعنى مدفوق، باطل من الكلام؛ لأن الفرق بين بناء الفاعل وبناء المفعول واجب، وهذا عند سيبويه وأصحابه يكون على طريق النسب، من غير أن يعتبر فيه فعل، فهو فاعل نحو: رامح، ولابن، وتامر، وتارس، ومعناه: ذو رمح، وذو
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٤.
(٢) ساقط من (ي).
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ١٦، "تهذيب اللغة" (عصم) ٣/ ٢٤٦٥.
(٤) القائل هو الحطيئة، والبيت من قصيدة يهجو فيها الزبرقان بن بدر التميمي، "ديوانه" ٥٤، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٦، "الأغاني" ٢/ ٥٥، الطبري ١٢/ ٤٦، "اللسان" (ذرق) ٣/ ١٤٩٩، "خزانة الأدب" ٦/ ٢٩٩، "شرح المفصل" ٦/ ١٥، "الشعر والشعراء" ص ٢٠٣، "شرح شواهد المغني" ٢/ ٩١٦.
(٥) "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٣٥٣، و"الدر المصون" ٣/ ١٠١، ١٠٢.


الصفحة التالية
Icon