عَذَابٌ قَرِيبٌ}، قال ابن عباس (١): يريد: اليوم الثالث، وهو قوله: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾.
٦٥ - قوله تعالى ﴿فَعَقَرُوهَا﴾، ذكرنا معنى العقر في سورة الأعراف (٢).
وقوله تعالى: ﴿تَمَتَّعُوا﴾، قال المفسرون (٣): عيشوا، ومعنى التمتع التلذذ بالمنافع والملاذ التي تدرك بالحواس، ولما كان التمتع للحي عبر به عن الحياة؛ لأن الميت لا يتمتع.
وقوله تعالى: ﴿فِي دَارِكُمْ﴾ أي في بلدكم، وسُمِّيَ دارًا لأنه يجمعهم كما تجمع الدار أهلها، وقيل: يعني في دنياكم يريد دار الدنيا.
وقوله تعالى: ﴿ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾، قال المفسرون: لما عقرت الناقة صعد فصيلها الجبل وبكى حتى سألت دموعه، ثم رغا رغوة (٤) ثلاثا، فقال صالح: لكل رغوة أجل يوم، فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام (٥)، ﴿ذَلِكَ وَعْدٌ﴾ أي للعذاب ﴿غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ أي: غير كذب، والمصدر قد يرد بلفظ المفعول كالمجلود والمعقول و ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ [القلم: ٦] وقيل: غير

(١) "تنوير المقباس" ١٤٢.
(٢) آية: ٧٧. ونقل عن الأزهري قوله: "العقر عند العرب: كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقرًا؛ لأن العقر سبب النحر، وناحر البعير يعقره ثم ينحره، هذا هو الأصل، ثم جعل النحر عقرًا وإن لم يكن هناك قطع للعرقوب". وانظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥١٣ مادة: (عقر).
(٣) الثعلبي ٧/ ٤٨ أ، الطبري ١٢/ ٦٤، البغوي ٤/ ١٨٦، "زاد المسير" ٤/ ١٢٥، القرطبي ٩/ ٦٠.
(٤) الرُّغاء صوت ذوات الخف، رغا البعير والناقة ترغو رغاءً، انظر: "تهذيب اللغة" (رغا) ٢/ ١٤٣١، اللسان (رغا) ٣/ ١٦٨٤.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ١٢٥، "القرطبي" ٩/ ٦٠، "الطبري" ١٢/ ٦٤.


الصفحة التالية
Icon