المستقبل، نحو: إن جاء زيد، حيث قال الله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ [الفرقان: ١٠].
وفيه وجه آخر وهو أن يكون قوله: ﴿يُجَادِلُنَا﴾ [حكاية لحال قد مضت، المعنى: لما ذهب عنه الروع أخذ يجادلنا] (١) وأقبل يجادلنا، فأضمر هذا الفعل قبل المستقبل؛ لأن (لما) تقتضيه، وفي كل كلام يخاطب به معنى (أخذ) و (أقبل) إذا أردت حكايته حال، والوجهان ذكرهما الزجاج (٢) وابن الأنباري.
قال الزجاج: والوجه الثاني هو الذي أختاره، ومعنى يجادلنا: يجادل رسلنا من الملائكة في قول جميع المفسرين (٣)؛ قالوا جميعًا: إن الرسل لما قالوا لإبراهيم: ﴿إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾، قال لهم: أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا: لا. قال: [فأربعون؟ قالوا: لا. قال:] (٤) فثلاثون؟ قالوا: لا. فما زال ينقص، فيقولون: لا، حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا، فاحتج عليهم بلوط وقال: إن فيها لوطًا؛ فقالوا: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾، وهذا معنى جدال إبراهيم في قوم لوط.
وقال أهل المعاني (٥): معنى (يجادلنا) يسألنا ويكلمنا فيهم ويراجعنا
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٩٤ بتصرف.
(٣) الطبري ١٢/ ٧٨، الثعلبي ٧/ ٥٠ أ، البغوي ٤/ ١٩٠، ابن عطية ٧/ ٣٥٤، "زاد المسير" ٤/ ١٣٤، القرطبي ٩/ ٧٢، ابن كثير ٢/ ٤٩٥.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) ذكر هذا القول الطبري ١٢/ ٧٩ ورده، والثعلبي ٧/ ٥٠ أ.