قال أبو علي (١): ويجوز في قول من نصب أن يكون الاستثناء من ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ﴾ على قول من قال (ما جاءني أحد إلا زيدًا) وقد بينا هذا في قوله: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ في قراءة من قرأ: ﴿قَلِيلًا﴾ (٢)، وإن جعلت الاستثناء من ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾ لم يكن إلا النصب، ووجه التفسير في قراءة من قرأ بالنصب ما قاله المفسرون (٣): أن الملائكة قالوا للوط فأسر بأهلك إلا امرأتك فلا تسر بها وخلفها مع قومها فإنَّ هواها إليهم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾، الكناية في قوله: ﴿إِنَّهُ﴾ كناية عن الشأن والأمر، تأويلها فإنَّ الأمر مصيبها ما أصابهم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ﴾، [أي: للعذاب. قال عامة المفسرين (٤): لما قالوا للوط إن موعدهم الصبح] (٥)، قال: أريد أعجل من ذلك بل الساعة يا جبريل، فقال (٦) له: أليس الصبح بقريب، قالوا: فخرج لوط بأهله عند طلوع الفجر، فلما طلع الفجر احتمل جبريل مدينتهم حتى أدناها من السماء بما فيها ثم نكسوا على رءوسهم وأتبعهم الله الحجارة.
٨٢ - فذلك قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا﴾. قال ابن عباس (٧):
(٢) قرأ بهذه القراءة ابن عامر، انظر: "السبعة" ص ٢٣٥، "الكشف" ١/ ٣٩٢.
(٣) الثعلبي ٧/ ٥٢ ب، الطبري ١٢/ ٨٩ ورجحه، البغوي ٤/ ١٩٣.
(٤) الثعلبي ٧/ ٥٢ ب، "زاد المسير" ٤/ ١٤٢، البغوي ٤/ ١٩٣، القرطبي ٩/ ٨١.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).
(٦) في (ي): (فقالوا).
(٧) الثعلبي ٧/ ٥٢ ب، "زاد المسير" ٤/ ١٤٣، البغوي ٤/ ١٩٣، القرطبي ٩/ ٨١.