وقوله تعالى: ﴿مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ وقد خلوا وماتوا وجاءت الحكاية عن فعلهم على وزن الاستقبال، والتأويل: إن شاء الله أن نترك ما كان يعبد آباؤنا، ومثله قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ [البقرة: ١٠٢] أي كانت تتلوا.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ﴾، قال ابن الأنباري (١): (أن) منسوقة على (ما) في قوله ﴿مَا يَعْبُدُ﴾ على تقدير أو نترك أن نفعل وهذا قول الفراء (٢) والزجاج (٣)، وزاد الفراء قولًا آخر شرحه أبو بكر، وهو: أن تكون (أن) منصوبة بفعل مضمر يراد به تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وتنهانا أن نفعل، فدل الأمر على النهي، فحذف كما حذف البرد لما دل عليه الحر في قوله ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ (٤)، ومعنى قوله ﴿أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ قال الكلبي (٥): أي من البخس والظلم ونقص المكيال والميزان، وهو اختيار الزجاج (٦)؛ قال: المعنى: إنا قد تراضينا بالبخس فيما بيننا.
وقال ابن عباس (٧) في رواية عطاء: يريد قطع الدنانير والدراهم، وهو

(١) في (ي): (ابن عباس)، وانظر: "زاد المسير" ٤/ ١٥٠.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٥٢.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٣.
(٤) النحل: ٨١.
(٥) نقله ابن الجوزي عن ابن عباس، "زاد المسير" ٤/ ١٥٠، وانظر: "تنوير المقباس" ١٤٤.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٣.
(٧) "البحر المحيط" ٥/ ٢٥٣ عن ابن المسيب.


الصفحة التالية
Icon