لهم جيرانا وقرابة، وقد رأيتم ما أصيبوا به وما صاروا إليه من سخط الله وعذابه، فعلى هذا أراد: ليسوا ببعيد في الدار والنسب.
وقال قتادة (١): ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ في الزمان الذي بينكم وبينهم، واختاره الزجاج فقال (٢): كان إهلاك قوم لوط أقرب الإهلاكات التي عرفوها، فكأنه قال لهم: العظة في قوم لوط قريبة منكم.
قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول (٣) كأنه يقول (٤): إنكم للعذاب الواقع بهم أذكر وأحفظ منكم لما لحق الأمم السالفة؛ لأن دارهم أقرب إلى داركم، فبحفظكم ذلك يلزمكم الإشفاق والحذر من مثل مصرعهم، وعلى القول الثاني كأنه يقول: إن وقتهم أقرب إليكم من أوقات من مضى من المهلكين، ولقرب وقتهم منكم ما يجب أن تراعوا وتحاذروا، ووحد البعيد (٥) على القول الأول؛ لأنه أراد: وما قوم لوط منكم بمكان بعيد، ويجوز أن يكون وَحَّده على لفظ القوم؛ لأنه على لفظ الواحد، وأنشد (٦):
لو أن قومي حين تدعوهم حمل
على الجبال الصم لارفض الجبل
ولم يقل حملوا.

(١) الطبري ١٢/ ١٠٤، عبد الرزاق ٢/ ٣١١، "الدر" ٣/ ٦٢٩، ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٥ بنحوه.
(٢) ساقط من (ي)، وانظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٤.
(٣) ساقط من (ي).
(٤) في (ب): (قال).
(٥) قاله ابن الأنباري انظر: "زاد المسير" ٤/ ١٥١
(٦) بيتان من الرجز لم أهتد إلى قائلهما. انظر: "شرح المفصل" ٩/ ٨٠.


الصفحة التالية
Icon