وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾، قال الليث (١): الظهري الشيء الذي تنساه وتغفل عنه، قال ابن عباس (٢): يريد ألقيتموه خلف ظهوركم وامتنعتم من قتلي مخافة قومي، والله أعز وأكبر من جميع خلقه.
قال الفراء (٣): يقول رميتم أمر الله وراء ظهوركم، يعني تعظمون أمر رهطي، وتتركون أن تعظموا الله وتخافوه.
وقال ابن الأنباري (٤): الظهري يقصد به هاهنا إلى الإهمال [والاطّراح تقول العرب: سألت فلانا حاجة فظهر بها] (٥)، وسألته حاجة فجعلها ظهرية، أهملها وطرحها (٦) ولم يلتفت إليها. وأنشد للفرزدق:

تميمَ بنَ زيد لا تكونَنَّ حاجتي بظهر فلا يخفى عليّ جوابُها
قال: معناه: لا تكون مهملة مطرحة، وقال قتادة (٧) في هذه الآية:
أعززتم قومكم وظهرتم بربكم، قال أبو بكر: يريد بقوله ظهرتم: أهملتم وأعرضتم عن طاعته، وجميع أهل (٨) المعاني قالوا: الكناية في قوله: ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ﴾ تعود إلى أمر الله، وما جاءهم به شعيب من الله تعالى، وهو في الظاهر يعود على اسم الله تعالى، ولكنه يعرف بالمعنى أن المراد منه
(١) "تهذيب اللغة" (ظهر) ٣/ ٢٢٥٥.
(٢) الطبري ١٢/ ١٠٦.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٢٦.
(٤) "الأضداد" ٢٥٥.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).
(٦) ساقط من (ي).
(٧) الطبري ١٢/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٨) "معاني الفراء" ٢/ ٢٦، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٢٩٨، "معاني الزجاج" ٣/ ٧٥، "معانى النحاس" ٣/ ٣٧٧.


الصفحة التالية
Icon