القصار فلا يصلح سقوط الفاء كقول القائل: (قد قلت القبيح فيّ فستعلم عاقبته)، لا يجوز أن تسقط الفاء هاهنا؛ لأنه كلام قصير لا يتم فيه الأول ويستأنف الثاني، و (منْ) في محل النصب بقوله: ﴿تَعْلَمُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي يفضحه ويذله، وذلك أن العذاب يقع على وجهين؛ عذاب (١) فاضح وعذاب غير فاضح فالفاضح، أشد.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾، قال الفراء (٢): إنما أدخلت العرب (هو) في قوله ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾ لأنهم لا يقولون (من قائم) ولا (من قاعد)، إنما كلامهم: (من يقوم) و (من قام) أو (من القائم)، فلما كان قوله ﴿كَاذِبٌ﴾ غير معرفة ولا فعل أدخلوا (هو)، قال: وقد يجوز في الشعر (مَنْ قائم) وأنشد (٣):

مَنْ شاربٌ مُرتجٌ بالكأس نادمني لا بالحَصور ولا فيها بسوَّار
وقوله تعالى: ﴿وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾، معنى الارتقاب: الانتظار، وهو طلب ما يأتي بتعليق النفس به، رقبه يرقبه رقوبًا، وارتقب ارتقابًا، وترقبه ترقبًا، قال ابن عباس (٤) يريد: ارتقبوا العذاب إني مرتقب من الله الرحمة والثواب.
(١) في (ي): هذا عذاب.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٢٦.
(٣) القائل هو الأخطل، والحصور: البخيل الممسك، والسوار: الذي تسور الخمرة في رأسه سريعًا، فهو يعربد ويثب على من يشاربه. "ديوانه" ١٦٨، "معاني الفراء" ٢/ ٢٦، "المحتسب" ٢/ ٢٤١، "اللسان" (حصر) ٢/ ٨٩٦، (سور) ٤/ ٢١٤٧، "إصلاح المنطق" ١٤٢، "بغية الوعاة" ١/ ١٠٥، وبلا نسبة في "تذكرة النحاة" ٣٣٢، و"مجالس ثعلب" ١/ ٥٧٧.
(٤) "زاد المسير" ٤/ ١٥٤، القرطبي ٩/ ٩٢.


الصفحة التالية
Icon