وقوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ﴾ أي من الأنفس في ذلك اليوم؛ لأن النفس في قوله: ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ﴾ لم يرد به واحداً، فصار كقوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧] وقوله تعالى: (شقي) يقال: شقي (١)، يشقى، شقاء، وشقاوة، وشِقْوة، وأصل معنى الشقاء في اللغة: الشدة والعسرة يقال: شاقيت فلانا مشاقاة (٢): إذا عاسرته وعاسرك قال (٣):
إذا تشاقى الصابرات لم يرث
يعني: جملاً يصابر جمالًا على شدة المشي والتعب، قال ابن عباس (٤): ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ﴾ كتبت عليه الشقاوة، ﴿وَسَعِيدٌ﴾ كتبت عليه السعادة.
١٠٦ - قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِير﴾، قال الليث (٥): الزفر والزفير أن يملأ الرجل صدره غمًا ثم هو يزفر به، فالزفير إخراج النفس، والشهيق رد النفس. يقال شهق يشهق، وبعضهم يقول: شهوقًا، ونحو هذا روى أبو عبيد (٦) عن أبي زيد، وهو قول جميع أهل اللغة، والإنسان إذا زفر فمد نفسه للإخراج ارتفع صدره وانتفخ جنباه، ومن هذا يقال للفرس: إنه عظيم الزفرة، أي عظيم الجوف.
(٢) في (ب): (مشاقة).
(٣) الرجز بلا نسبة في اللسان (شقا) ٤/ ٢٣٠٤، "تهذيب اللغة" ٨/ ١٩٠٢، "أساس البلاغة" (شقو)، "تاج العروس" (شقي) وبعده:
يكاد من ضعف القوى لا ينبعث
(٤) الثعلبي ٧/ ٥٦ ب، "زاد المسير" ٤/ ١٥٨.
(٥) "تهذيب اللغة" (زفر) ٢/ ١٥٣٧، (شهق) ٢/ ١٩٤٦.
(٦) "تهذيب اللغة" (زفر) ٢/ ١٥٣٧ (شهق) ٢/ ١٩٤٦.