الغراب (١)، وهذا الاستثناء لا يفيد نقص شيء من التأبيد؛ لأن الغراب لا يشيب، كذلك الله تعالى [لا يريد أن ينقصهم من الخلود شيئًا بعد أن أخبر به.
وهذا القول ذكره أبو إسحاق (٢) في أحد قولي أهل اللغة، وحكى قولا آخر، قال بعضهم]: (٣) الاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب، المعنى: خالدين فيها أبدًا إلا مقدار موقفهم للحساب.
وقال ابن كيسان: الاستثناء وقع بمقدار تعميرهم في الدنيا قبل مصيرهم إلى الجنة والنار، واختاره ابن قتيبة (٤) فقال: خالدين في النار إلا ما شاء ربك من تعميرهم في الدنيا قبل ذلك.
وقيل: الاستثناء يعود إلى حبس الفريقين في البرزخ، وهذه الأقوال قريبة من السواء؛ لأنه يمكنك الجمع بينها فتقول: خالدين فيها أبدًا إلا مقدار مكثهم في الدنيا والبرزخ والوقوف للحساب، ثم يصيرون إلى النار أبدًا أو إلى الجنة أبدًا.
وقال جماعة (٥) من المفسرين: هذا الاستثناء يعود إلى إخراج أهل
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٩.
(٣) ما بين المعقوفين مطموس في (ب).
(٤) "مشكل القرآن وغريبه" (١/ ٢١٤، "تأويل مشكل القرآن" / ٧٦.
(٥) ذكره الطبري ١٢/ ١٢٠ عن قتادة وأبي سنان، والضحاك، وخالد بن معدان. الثعلبي ٧/ ٥٧ أ، البغوي ٤/ ٢٥٠، "زاد المسير" ٤/ ١٦٠ وعزاه لابن عباس والضحاك.