التخفيف من القياس أن (أنَّ) مشبهة في نصبها بالفعل، والفعل يعمل محذوفًا كما يعمل غير محذوف (١)، وذلك في نحو: (لم يك زيد منطلقًا)، وكذلك (لا أدر).
قال الفراء (٢): لم نسمع العرب تخفف (أنَّ) وتعملها إلا مع المكني؛ لأنه لا يتبين فيه إعراب، نحو قوله (٣):

فلو أنْكِ في يوم الرخاء سألتني فراقكِ لم أبخل وأنتِ صديق
فأما مع الظاهر فلا، لكن إذا خففوها رفعوا، قال: ومن قرأ ﴿وَإِنَّ كُلًّا﴾ فإنهم نصبوا (كلًا) بـ ﴿لَيُوَفِّيَنَّهُمْ﴾ كأنه قال: وإن ليوفينهم كلا. قال: وهذا وجه لا أشتهيه؛ لأن اللام لا يقع الفعل الذي بعدها (٤) على شيء قبله، وقرأ حمزة وابن عامر وحفص ﴿وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا﴾ مشددتان.
والكلام في تخفيف "إنَّ" وتشديدها قد ذكرناه، وبقي الكلام في تشديد ﴿لَمَّا﴾ هاهنا.
قال أبو إسحاق (٥): زعم بعض النحويين أن معناه (لمن ما) ثم قلبت
(١) في (ي): (كما يعمل في غير محذوف).
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٢٩.
(٣) البيت لم أعثر على قائله وهو في "الإنصاف" ١٦٩، "شرح المفصل" لابن يعيش ٨/ ٧١، ٧٣ "خزانة الأدب" ٢/ ٤٦٥، ٤/ ٤٥٢، "شرح الشواهد" للسيوطي ص ٣١، "همع الهوامع" ٢/ ١٨٧، "الدر" ١/ ١٢٠، "الإنصاف" ١/ ٢٠٥، "الجنى الداني" / ٢١٨، "شرح ابن عقيل" ١/ ٣٨٤، "اللسان" (حرر) ٢/ ٨٣٠، "المقاصد النحوية" ١/ ٣١١.
(٤) ساقط من (ب).
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٨١.


الصفحة التالية
Icon