وقال غيره (١): ﴿ذَلِكَ ذِكْرَى﴾ يعني القرآن عظة لمن ذكره، والكلام في (ذلك) وأن الإشارة بها إلى الجملة جائزة قد مضى في عدة مواضع، وقال أبو علي الفارسي: الذكرى مصدر جاء بألف التأنيث، كما جاء على فَعْلى نحو العدوى والدعوى والطغوى وتترى فيمن لم يصرف، وعلى فُعْلى نحو شورى، [وقالوا في الجمع (للذِّكَر) فجعلوه بمنزلة (سدرة وسدر)، كما جعلوا (العُلَى) مثل (الظُّلَم)، وقالوا: الذكر بالدال حكاه سيبويه (٢) وكذلك روي بيت ابن مقبل (٣):
من بعد ما يعتري قلبي من الدكر
وذلك لما كثر تصرف الكلمة بالدال نحو ﴿وَادَّكَرَ﴾ [يوسف: ٤٥]، ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٤) أشبهت تقوى، وتقية، وتقاة.
١١٥ - قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ﴾ قيل (٥) على الصلاة، كقوله ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ] (٦) عَلَيْهَا﴾ [طه: ١٣٢]، {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٣٣١.
(٣) لابن مقبل، وصدره:
يا ليت لي سلوة تشفى النفوس بها
وفيه (من بعض) بدل (من بعد) هنا، انظر: "ديوانه" ٨١، "الخصائص" ١/ ٣٥١، "المقرب" ٢/ ١٦٦، "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٨٨، "الممتع في التصريف" ١/ ٣٥٩، "المنصف" ٣/ ١٤٠.
(٤) في النسخ: (وهل).
(٥) الثعلبي ٧/ ٦٠ أ، البغوي ٤/ ٢٠٥، "زاد المسير" ٤/ ١٧٠.
(٦) ما بين المعقوفتين: بياض في (ب).