من اختلاف (١) الملل.
١١٩ - وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾، قال أبو إسحاق (٢) ﴿مَنْ﴾ استثناء على معنى (لكن مَنْ رحم ربك فإنه غير مخالف).
وقال الفراء (٣): ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾: يعني أهل الباطل، ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾: أهل الحق، وهذا قول مجاهد (٤) نفسه.
وقال ابن عباس (٥): هما فريقان: فريق اختلف فلم يرحم، وفريق رحم فلم يختلف، وهو كقوله: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥].
وقال عكرمة (٦): ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ يعني أهل الأهواء والبدع ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾: أهل السنة والجماعة.
وقوله تعالى ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾، قال ابن عباس والضحاك ومجاهد وقتادة (٧): وللرحمة خلقهم، يعني الذين رحمهم.
قال أبو بكر: وعلى هذا أشير إلى الرحمة بقوله: ﴿ذَلِكَ﴾؛ لأن تأنيثها ليس تأنيثا حقيقيًا، فحملت على معنى الفضل والغفران، كقوله -عز وجل-:
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٨٣.
(٣) "معاني القرآن" ٣١/ ٢.
(٤) الطبري ١٢/ ١٤١، وأخرجه ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٩٤ عن ابن عباس.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ١٧٢، القرطبي ٩/ ١١٥، عبد الرزاق ٢/ ٣١٦.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ١٧٢.
(٧) روى ذلك عنهم جميعًا الطبري ١٢/ ١٤٣ - ١٤٤، والثعلبي ٧/ ٦١ أ، والبغوي ٤/ ٢٠٦، و"زاد المسير" ٤/ ١٧٢، والقرطبي ٩/ ١١٥، وابن كثير ٢/ ٥٠٩.