وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾، قال صاحب النظم: قول: ﴿وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ﴾ معرفة منهم بالذنب وإضمار للتوبة وطلب لها، والله -عز وجل- يقبل النية الصالحة، فلما كان هذا نيتهم أضمر الله -عز وجل- في الكلام أنه قبل ذلك منهم ورحمهم، ثم نسق بـ (ثم) على هذا الإضمار، على تأويل: حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وعلموا (١) ألا ملجأ من الله إلا إليه رحمهم، ثم تاب عليهم) انتهى كلامه، وقوله: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾ إعادة للتوكيد؛ لأن ذكر التوبة على هؤلاء قد مضى في قوله: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾، قال ابن عباس: (يريد: ازداد لهم رضا وعصمة) (٢)، وقد ذكرنا نظير هذا في الآية الأولى.
ومعنى: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾ أي لطف لهم (٣) في التوبة ووفقهم لها، وهذا دليل على أنه ما (٤) لم يرد الله تعالى توبة العبد ولم يوفقه لها لا يمكنه ذلك.
وقال ابن الأنباري: (معناه: ثم تاب عليهم ليدوموا على التوبة، ولا يراجعوا ما يبطلها، قال: ويجوز أن يكون المعنى: ثم تاب عليهم لينتفعوا بالتوبة (٥) ويتوفر عليهم ثوابها، وهذان لا يقعان إلا بعد توبة الله عليهم) (٦).
(٢) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٦/ ٢١٦.
(٣) في (ى): (بهم)، وما في (م) و (ح) موافق لما في "الوسيط" ٢/ ٥٣٣.
(٤) ساقط من (ى).
(٥) في (ح): (في التوبة).
(٦) "تفسير الرازي" ١٦/ ٢١٩ بلا نسبة.