وأما حكم هذه الآية فقال قتادة: هذه خاصة لرسول الله - ﷺ - إذا غزا بنفسه فليس لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر (١).
وقال ابن زيد: (هذا حين كان المسلمون قليلاً، فلما كثروا نسخها الله بقوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ (٢).
وقال عطية: (وما كان لهم أن يتخلفوا عن رسول الله إذا دعاهم وأمرهم) (٣)، وهذا هو الصحيح، أن تتعين الإجابة والطاعة لرسول الله - ﷺ - إذا أمر، وكذلك غيره من الولاة والأئمة إذا ندبوا وعينوا؛ لأنا لو سوغنا للمندوب أن يتقاعد لم يختص بذلك بعض دون بعض، ولأدى ذلك إلى تعطيل الجهاد.
١٢١ - وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً﴾ قال ابن عباس: يريد تمرة فما فوقها ولا أدنى منها (٤)، وروي عنه: ولو عِلاقة سوط (٥)، وروى جماعة من الصحابة عن النبي - ﷺ - أنه قال: "من غزا بنفسه وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم سبعمائة ألف (٦) درهم" (٧).

(١) رواه الثعلبي ٦/ ١٦١ ب، والبغوي ٤/ ١١٠، وبنحوه ابن جرير ١١/ ٦٤، وابن أبي حاتم ٦/ ١٩٠٩.
(٢) رواه ابن جرير ١١/ ٦٥، والثعلبي ٦/ ١٦١ ب، والبغوي ٤/ ١١٠.
(٣) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٦/ ٢٢٤.
(٤) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥١٥، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٣٤، دون الجملة الأخيرة.
(٥) لم أجده، وفي "تنوير المقباس" ص ٢٠٦: قليلة ولا كثيرة في الذهاب والمجيء.
(٦) ساقط من (ى).
(٧) رواه ابن ماجه (٢٧٦١) كتاب الجهاد، باب: فضل النفقة في سبيل الله، والثعلبي في "تفسيره" ٦/ ١٦٢ أ، وهو حديث ضعيف؛ لأن في سنده الخليل بن عبد الله وهو مجهول كما في "تهذيب التهذيب" ١/ ٥٥٤.


الصفحة التالية
Icon