قال المفسرون: إذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن وتعلمه القاعدون قالوا لهم إذا رجعوا: إن الله تعالى قد أنزل بعدكم على نبيكم قرآنًا، وقد تعلمناه فتتعلم السرايا ما أنزل الله على نبيهم بعدهم، فذلك قوله: ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ أي: وليعلموهم بالقرآن ويخوفوهم به، ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ ولا يعملون بخلافه، وهذا الذي ذكرنا معنى قول ابن عباس في رواية الوالبي (١)، وعطاء الخراساني عنه (٢).
وقال الحسن: هذا التفقه والإنذار راجع إلى الفرقة النافرة (٣)، ومعنى الآية: ليتفقهوا: أي: ليتبصروا وليتيقنوا بما يريهم الله -عز وجل- من الظهور على المشركين، ونصرة الدين، ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد، فيخبروهم بنصرة الله النبي والمؤمنين [وأنهم لا يدان لهم بقتال النبي - ﷺ - والمؤمنين] (٤) ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ أن ينزل بهم ما نزل بغيرهم من الكفار.
قال أبو إسحاق: وفي هذه الآية دليل على أن فرض الجهاد يجزئ فيه
(٢) رواه ابن أبي حاتم ٦/ ١٩١٣، وابن مردويه وأبو داود في "ناسخه" كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٢١.
(٣) هذا معنى قول الحسن.
انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ٦٩ - ٧٠، و"ابن أبي حاتم" ٦/ ١٩١٣، و"الصنعاني" ١/ ٢/ ٢٩١، وقد ذكره بنحو ما ذكره المؤلف، "الثعلبي" ٦/ ١٦٢/ ب، و"البغوي" ٤/ ١١١.
(٤) ما بِن المعقوفين ساقط من (ح).