(أبت)، فزعم الزجاج (١) -وهو مذهب البصريين- أن التاء علامة التأنيث دخلت على الأب في باب النداء خاصة، لتكون بدلاً من ياء الإضافة، ولأن المذكر قد يدخل عليه علامة التأنيث، فيقال: رجل ربعة ونكحة وهزأة.
وقال الفراء (٢) وأصحابه: التاء في (يا أبت) ليست علامة التأنيث (٣) إنما هي هاء أصلاً أدخلوها للسكت، وهو قولهم: يا أباه، ثم سقطت الألف لدلالة فتحة الباء عليها، وانصرف عن الهاء إلى لفظ التاء؛ لكثرة الاستعمال تشبيهًا بتاء التأنيث، وكسرت تقديرًا أن بعدها ياء الإضافة، ولم يستعمل في غير النداء؛ لأن هاء السكت مع الألف لا تدخلان إلا في النداء، وذكرنا مثل هذا (٤) في الأم عند قوله ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ (٥) في حكاية مذهب ابن الأنباري، وأما قول من قال: يا أبتاه، فإنه زاد الألف والهاء على التاء لما انتقلت عن لفظ الهاء، فأما قول الشاعر (٦):
تقولُ ابْنَتِي لمّا رأتْنِي شَاحِبًا | كأنّك فينا يأ أباتَ (٧) غَرِيبُ |
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ١٢٠.
(٣) في (أ)، (ب): (التأنيث) من غير ألف.
(٤) في (ج): (إلا في الأم) بزيادة إلا.
(٥) النساء: ٢٣. وقد ذكر هناك نقلاً عن ابن الأنباري أن الأصل: أم، ثم يقال في النداء: يا أماه، فيدخلون هاء السكت. أهـ.
(٦) البيت لأبي الحدرجان كما في "نوادر أبي زيد" (٢٣٩) وفيه:
كأنك فينا يا أباه غريب
وبلا نسبة في "العين" ٤/ ٢٥٣، و"الخصائص" ١/ ٣٣٩، و"اللسان" (أبي) ١/ ١٦، و"الدر" ٤/ ٢٥٣، "الهمع" ٦/ ٣٤٢، وهو من الشعراء المجهولين.
(٧) في (أ)، (ب): (يا أباة).