لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} قال الفراء (١): كرر (هم) لما فرق بينهما، وكأن الأول مُلغى والاتكاء والخبر عن الثاني، ومثله قوله ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (٢).
٣٨ - (قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي﴾ إلى قوله: ﴿مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ قال ابن عباس (٣): يريد أن الله عصمنا من أن نشرك به، و (من) زائدة مؤكدة، كقولك: ما جاءني من أحد) (٤).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا﴾ قال أبو إسحاق (٥): أي اتباعنا الإيمان بتوفيق الله لنا وبفضله علينا.
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى النَّاسِ﴾ قال الكلبي (٦): يعني وعلى المؤمنين، يريد أن من عصمه الله من الشرك وتفضل عليه بالإيمان فهو ممن لله عليه الفضل، وهذا قول أبي إسحاق (٧)، لأنه قال: ﴿وَعَلَى النَّاسِ﴾ بأن دلهم على دينه المؤدي إلى صلاحهم، وروي عن ابن عباس (٨) أنه قال: معناه ذلك من فضل الله علينا أن جعلنا أنبياء، وعلى الناس أن جعلنا إليهم رسلًا، ودل على هذا التأويل قوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾. قال ابن

(١) "معاني القرآن" ٢/ ٤٥، وهو قول الطبري ١٢/ ٢١٧.
(٢) النمل: ٣، لقمان: ٤.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٢٥.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٠.
(٦) "تنوير المقباس" ص ١٤٩، و"زاد المسير" ٤/ ٢٢٥.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٠.
(٨) الطبري ١٢/ ٢١٨، وابن المنذر وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٤٥، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٣٥، و"زاد المسير" ٤/ ٢٢٥.


الصفحة التالية
Icon