وقال الكسائي (١) وغيره: أضغاث الأحلام ما لا يستقيم تأويله لدخول بعضه في بعض، كأضغاث من نُبُوت (٢) مختلفة يُخْلط بعضها ببعض، قال مجاهد (٣): أهاويل أحلام، وقال الكلبي (٤): أباطيل أحلام، وقال قتادة (٥): أخلاط أحلام.
قال ابن الأنباري: ومعنى الآية: أنهم نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له من الرؤيا، ولم ينفوا عن أنفسهم علم تأويل ما يصح منها، فعنوا بقولهم ﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ هذه منامات كاذبة لا يصح تأويلها، وما نحن بتأويل الأحلام التي هذا وصفها بعالمين، إذ كنا نعلم تأويل ما يصح، هذا معنى قول أكثر المفسرين (٦): الكلبي (٧) وغيره، ونحوه قال ابن عباس في رواية عطاء، وهو اختيار الزجاج (٨)؛ لأنه قال: إنهم قالوا له رؤياك أخلاط، وليس للرؤيا المختلطة عندنا تأويل، فعلى هذا لم يقرّوا بالجهل والعجز عن تأويل الأحلام، وإنما قالوا: إن رؤياك فاسدة ولا تأويل
(٢) في (ج): (نبوة).
(٣) القرطبي ٩/ ١٩٩، و"تهذيب اللغة" (ضغث) ٣/ ٢١٢١، و"اللسان" (ضغث) ٥/ ٢٥٩٠.
(٤) "تنوير المقباس" ص ١٥٠.
(٥) الطبري ١٢/ ٢٢٦، عبد الرزاق ٢/ ٣٢٤. وأخرجه أبو عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد كما في "الدر" ٤/ ٣٩.
(٦) الطبري ١٢/ ٢٢٧، الثعلبي ٧/ ٥٨ ب، ابن عطية ٧/ ٥٢١، "زاد المسير" ٤/ ٢٣٠.
(٧) "تنوير المقباس" ص ١٥٠. وقد روى عن ابن عباس: الأحلام الكاذبة، قال الهيثمي ٧/ ٣٩ رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب وهو متروك.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٣.