قال أبو إسحاق (١): أي سله أن يستعلم صحة براءتي مما قذفت به، فمعنى ردِّه الرسول هو أن يتبين براءته وأنه حبس بظلم من غير اقتراف ذنب، كما قال قتادة (٢): طلب العُذر، وعلى هذا يكون في الآية محذوف على تقدير: فسله أن يسأل أو يتعرف ما بال النسوة، ولكن لما كان قوله: (ما بال النسوة) يتضمن معنى السؤال والاستعلام والتعرف حذف ذلك.
قال عامة المفسرين (٣): إن يوسف عليه السلام أشفق من أن يراه الملك بعين مشكوك في أمره، مقروف بفاحشة، فأحب أن يراه بعد أن زال عن قلبه ما كان خامره من الباطل. وقد استحسن النبي - ﷺ - حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر حتى يعلم أنه قد استقر عند الملك صحة براءته فقال النبي - ﷺ -: "رحم الله يوسف، لقد كان ذا أناة ولو كنت أنا المحبوس ثم جاءني الرسول لخرجت (٤) مسرعًا" (٥).
(٢) الطبري ١٢/ ٢٣٦.
(٣) الطبري ١٢/ ٢٣٤٠، الثعلبي ٧/ ٨٧ ب، البغوي ٤/ ٢٤٨، ابن عطية ٧/ ٥٣٢، "زاد المسير" ٤/ ٢٣٦، القرطبي ٩/ ٢٠٧.
(٤) في (ج): (لخرجت إليه) بزيادة إليه.
(٥) أخرجه البخاري (٣٣٨٧) كتاب أحاديث الأنبياء باب قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ﴾ بلفظ: "ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته" ومسلم بنحوه (١٥١) كتاب الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة.
وأخرجه الترمذي (٣١١٦)، كتاب تفسير القرآن، باب من سورة يوسف بلفظ "إن الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال: ولو لبثت في السجن ما لبث ثم جاءني الرسول أجبتُ.. الحديث".
وأخرجه ابن جرير ١٢/ ٢٣٥ من طريق ابن إسحاق عن رجل عن أبي الزناد =