اتصل قول فرعون بقول الملأ، وكذلك قوله ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً﴾ إلى قوله ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ (١) انقطع كلامها عند قوله ﴿أَذِلَّةً﴾ ثم قال الله: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾.
ومعنى قوله ﴿ذَلِكَ﴾ قال مقاتل (٢): معناه هذا. قال أبو بكر (٣): قال اللغويون: "هذا" و ﴿ذَلِكَ﴾ يصلحان في هذا الموضع وأشباهه، ونظيره قوله تعالى ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] وقد مر. وقال آخرون (٤): "ذلك" إشارة إلى ما فعله من رد الرسول يقول: ذلك الذي فعلت من رد رسول الملك إليه في شأن النسوة ليعلم.
قال الزجاج (٥): و (ذلك) مرفوع بالابتداء، وإن شئت على خبر الابتداء، كأنه قال: أمري ذلك.
واختلفوا متى قال هذا يوسف، فروى عطاء عن ابن عباس (٦) قال: لما صار يوسف عند الملك قال (ذلك ليعلم)، ونحو هذا روى الضحاك (٧) عنه، فعلى هذا معنى قوله ﴿لِيَعْلَمَ﴾ أي الملك.
قال أبو بكر (٨): وإنما آثر الياء على التاء توقيرًا للملك، ورفعًا له عن المخاطبة.

(١) النمل: ٣٤.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ١٥٥، و"زاد المسير" ٤/ ٢٣٨.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٨.
(٤) الطبري ١٢/ ٢٣٨، الثعلبي ٧/ ٨٨ أ.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٥.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩، الطبري ١٢/ ٢٣٨ عكرمه عن ابن عباس.
(٧) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩.
(٨) "زاد المسير" ٤/ ٢٤٠.


الصفحة التالية
Icon