والجواب من هذا ما ذكره أبو إسحاق (١) قال: إن الأنبياء بعثوا لإقامة الحق والعدل ووضع الأشياء مواضعها، وعلم يوسف - ﷺ - أنه لا أحد أقوم بذلك ولا أوضع له في مواضعه منه، فسأل ذلك إرادة للصلاح.
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد لا يضيع من ذلك عندي شيء، عليم بما أفعل ويصلح ملكك.
وقال قتادة (٢): حفيظ لما وليت، عليم بأمره ونحوه.
قال ابن إسحاق (٣) وأبو إسحاق (٤): وقال جماعة: يريد أني كاتب حاسب.
فإن قيل (٥): لِمَ ترك الاستثناء في هذا بأن يقول: إن شاء الله، وإدخال الاستثناء في مثل هذا أوجب في كلام مثله؟. ولِمَ مدح نفسه بالحفظ والعلم؟
والجواب أن يقال: أما تركه الاستثناء فإن ذلك كان منه خطيئة أوجبت عليه من الله العقوبة، بأن أخر تمليكه عن ذلك الوقت، ذكر مقاتل ابن سليمان (٦): أن النبي - ﷺ - قال: "إن يوسف قال: إني حفيظ عليم، لو قال: إن شاء الله، لملك من وقته ذلك"، ويمكن أن يقال: إنه أضمر في
وأخرجه مسلم (١٨٢٤) في الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٦.
(٢) و (٣) الطبري ١٣/ ٥، الثعلبي ٧/ ٩٠ أ.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٦.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٢٤٤، والرازي ١٨/ ١٦٠.
(٦) "تفسيرمقاتل" ١٥٥ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٢٤٣.