وقوله تعالى: ﴿حَيْثُ يَشَاءُ﴾ يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون في موضع نصب بأنه ظرف، والآخر: في موضع نصب بأنه مفعول به، ودل على هذا الوجه قول الشماخ (١):
يَرْمِي حَيْثُ تُكْوَى النَّواحِزُ (٢)
وقد مرّ. واختلف القراء (٣) في قوله ﴿حَيْثُ يَشَاءُ﴾ فعامة القراء قرأوا بالياء كقوله: ﴿يَتَبَوَّأُ﴾، كقوله: ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾ وكما أن قوله (نشاء) في هذه الآية وفق فعل المتبؤ كذلك قوله: ﴿حَيْثُ يَشَاءُ﴾ وفق لقوله: "يتبوأ" في إسناده إلى الغيبة. وقرأ ابن كثير (نشاء) بالنون وذلك أن مشيئة يوسف لما كانت (٤) بمشيئة الله تعالى وإقداره عليها، جاز أن تنسب إلى الله تعالى وإن كان في المعنى ليوسف، وعلى هذا معنى هذه القراءة كمعنى قراءة العامة، ويقوي هذه القراءة أن الفعل
وحلأها عن ذي الأراكة عامر | أخو الخُضْر يرمي حيث تكوى النواحر |
(٢) ما سبق في ابن عطية ٨/ ٩.
(٣) قرأ ابن كثير وحده: ﴿يتبوأ منها حيث نشاء﴾ بالنون، وقرأ الباقون بالياء، انظر: "السبعة" ص ٣٤٩، و"إتحاف" ص ٢٦٦، وابن عطية ٨/ ٨، والثعلبي ٧/ ٩١ أ، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٢٠.
(٤) في (ج): (كان).