٦٥ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ﴾ الآية. المتاع ما يصلح للاستمتاع عامًّا في كل شيء وهاهنا يجوز أن يراد به ذلك الطعام الذي حملوه، ويجوز أن يراد به أوعية الطعام.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي﴾ ذكر الفراء (١) والزجاج (٢) وابن الأنباري (٣) في هذا وجهين أحدهما: أن يكون "ما" استفهامًا ويكون في موضع نصب، المعنى: أي شيء نريد وقد ردت علينا بضاعتنا. قال الفراء: وهو كقولك في الكلام: ماذا نبغي بعد الوصول إلى ما لم نكن نقدره ولا نطمع في مثله. أي لا نبغي وراء هذا شيئًا. وهذا معنى قول قتادة (٤). قال: وما نبتغي وراء هذا الذي وصلنا إليه.
الوجه الثاني: أن يكون "ما" نفيًا، كأنهم قالوا: ما نبغي شيئًا هذه بضاعتنا. وقال الفراء (٥) وأبو بكر (٦): كأنهم قالوا: لسنا نطلب منك دراهم وما نبغي منك بضاعة نرجع بها إليه، بل يكفينا بضاعتنا هذه التي ردّت إلينا، وهو قوله ﴿هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا﴾ والإشارة إلى البضاعة تحتمل معنيين أحدهما: أنهم لم يثقوا بمعرفة أبيهم لها، فعرفوها بإشارتهم إليها، والآخر: أن معنى الإشارة هاهنا التقريب (٧) للرد والتحقيق له، كقول القائل: هذه الشمس قد طلعت، فتقرب بهذه طلوع الشمس وتحققه،

(١) "معاني القرآن" ٢/ ٤٩.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٨.
(٣) "الوقف والابتداء" ٢/ ٧٢٥، ٧٢٦، و"زاد المسير" ٤/ ٢٥٢.
(٤) الطبري ١٣/ ١١، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٦٦ وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٤٨.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٤٩.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٢٥٢.
(٧) في (أ)، (ب): (للتقريب).


الصفحة التالية
Icon