[وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ] (١) مَوْثِقًا مِنَ اللهِ﴾ أي في حفظكم الأخ ورده إلى أبيه، وذكرنا الكلام في قوله: ﴿مَوْثِقًا مِنَ اللهِ﴾ (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ في يُوسُفَ﴾ وذكر الفراء (٣) والزجاج (٤) وابن الأنباري في "ما" ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون المعنى ومن قبل تفريطكم في يوسف أي: وقع وظهر تفريطكم، فـ"ما" يكون موضعها رفعًا، وتكون مع الفعل بمنزلة المصدر.
الثاني: أن يكون "ما" في موضع نصب نسق على المعنى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ﴾، ومن قبل تفريطكم في يوسف.
الثالث: أن تكون لغوًا لا موضع لها من الإعراب، وتلخيصها: ومن قبل فرطتم في يوسف (٥)، وذكرنا معنى التفريط في قوله: ﴿وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ (٦).

= فأما إذا أطلق بغير صلته بذلك فلا يفهم إلا ما ذكرت، وقد قال أهل التأويل: لم يكن لشمعون على إخوته رياسة وسؤدد، فيعلم بذلك أنه عني بقوله ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ فإذا كان ذلك كذلك، فلم يبق إلا الوجه الآخر وهو الكبر في السن، وقد قال الذين ذكرنا جميعًا: "روبيل كان أكبر القوم سنًا" فصح بذلك القول الذي اخترناه. اهـ" واستظهر هذا القول ابن عطية ٨/ ٤٣.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(٢) عند قوله تعالى: ﴿حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ﴾ ٦٧.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٥٣.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢٤.
(٥) قال الزجاج وهو أجود الأوجه. "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢٤.
(٦) الأنعام: ٦١، وقد قال هنالك: (ومعني التفريط: تقدمة العجز) تفسير البسيط، تحقيق: د. الفايز ص ٢٦٠.


الصفحة التالية
Icon