وقال قوم: هما لغتان، يقال: أصابه حُزْنٌ شديد وحَزَنٌ شديد، وهذا مذهب أكثر أهل اللغة (١)، وروى يونس عن أبي عمرو (٢) قال: إذا كان في موضع النصب فتحوا الحاء والزاء كقوله: ﴿تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ [التربة: ٩٢]، وإذا كان في موضع الخفض أو الرفع فهو بضم الحاء كقوله ﴿مِنَ الْحُزْنِ﴾.
٨٦ - وقوله تعالى (٣): ﴿أَشْكُو (٤) بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾ قال: هو في موضع رفع بالابتداء.
وقوله تعالى: ﴿فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ ذكرنا الكلام في الكظم عند قوله ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] مستقصى، والكظم هاهنا يجوز أن يكون بمعنى الكاظم، وهو الممسك على حزنه فلا يظهره ولا يشكوه.
قال ابن قتيبة (٥): يدل عليه قول قتادة (٦) قال: كظيم على الحزن، لا يقول بأسًا، قد شد فاه على الحزن في قلبه، فليس يتكلم بسوء، وفي ذلك يقول الشاعر (٧):

(١) "تهذيب اللغة" ١/ ٨٠٧، و"اللسان" (حزن) ١/ ٨٦١، و"الاشتقاق" لابن دريد ١٠٠.
(٢) "تهذيب اللغة" (حزن) ٤/ ٣٦٤.
(٣) (تعالى) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (وأشكو) بزيادة واو خلاف ما عليه الآية.
(٥) "مشكل القرآن وغريبه" ص ٢٢٨.
(٦) الطبري ١٣/ ٤٠، وعبد الرزاق ٢/ ٣٢٧، وابن المبارك وابن المنذر وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٨٧، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٥٧، والثعلبي ٧/ ١٠٣ أ.
(٧) هو قيس بن زهير، والبيت من الوافر، وابن الأنباري في "الوقف والابتداء" ١/ ٨٧، وانظر: "الدر" ٤/ ٥٧، القرطبي ٩/ ٢٤٩، و"النكت والعيون" ٣/ ٧٠.


الصفحة التالية
Icon