قوله تعالى: ﴿قَالَ أَنَا يُوسُفُ﴾ قال ابن الأنباري (١): أظهر الاسم وترك الكناية، فلم يقل: أنا هو، تعظيمًا لما وقع به من ظلم إخوته وما عوضه الله من الظفر وبلوغ المحبّة، فكان بمعنى: أنا المظلوم المستحل منه المحرم المراد قتله، فكفى ظهور الاسم من (٢) هذه المعاني ولهذا قال: وهذا أخي، وهم يعرفونه؛ لأن قصده وهذا المظلوم كظلمي، والمنعم عليه كإنعامي، وقد ذكرنا قبل هذا أن العرب إذا عظمت الشيء أعادته ولم تُكَنَّ عنه كقوله (٣):
لا أَرَى المَوْتَ يسبق المَوْت شَيء
وقوله تعالى: ﴿قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا﴾ قال ابن عباس (٤): يريد بكل خير في الدنيا والآخرة، وقال آخرون (٥): بالجمع بيننا بعد التفرقة، وذكرنا معنى المن عند قوله: ﴿مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ [البقرة: ٢٦٢].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ﴾ قال ابن عباس (٦): يريد: من يتق الله ويصبر على المصائب وعن المعاصي، قال ابن الأنباري: تلخيصه: من يراقب الله ويصبر على الأذى في ذاته، وقال مقاتل بن سليمان (٧): من يَتَّقِ الزنا ويصبر على الأذى، وقال إبراهيم (٨): من يتق الزنا ويصبر على

(١) "زاد المسير" ٤/ ٢٨١.
(٢) في (أ)، (ج): (وهذه).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) الرازي ١٨/ ٢٠٤، و"زاد المسير" ٤/ ٢٨٠.
(٥) الثعلبي ٧/ ١٠٨ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٢٨١.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٢٨٢، القرطبي ٩/ ٢٥٦.
(٧) "تفسير مقاتل" ١٥٧ أ.
(٨) الثعلبي ٧/ ١٠٨أ، و"زاد المسير" ٤/ ٢٨١.


الصفحة التالية
Icon