يقال بدا القوم يبدون بدوًا، إذا أتوا بدًا، كما يقال: غار القوم غورًا، إذا أتوا الغور، فكان تلخيص الحرف: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ﴾ من قصد بدا، وعلى هذا القول كان يعقوب وولده (١) حضريين؛ لأن البدو لم يرد به البادية، لكنه عني به قَصْدُ بدا.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ قال أبو عبيدة (٢) معناه: أفسد وحمل بعضنا على بعض، قال ابن عباس (٣): دخل بيننا بالحسد، ومضى الكلام في نزغ الشيطان في آخر سورة الأعراف (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ﴾ قال الأزهري (٥): اللطيف من أسماء الله عز وجل معناه: الرفيق بعباده، عمرو بن أبي عمرو: اللطيف الذي يوصَّلُ إليك أربك في رفق.
ثعلب عن ابن الأعرابي (٦): يقال: لطف فلان لفلان يلطف، إذا رفق لطفًا.
قال أهل التفسير (٧): إن ربي عالم بدقائق الأمور وحقائقها، إنه هو العليم بخلقه الحكيم فيهم بما يشاء.

(١) في (أ)، (ج): (وولد)، من غير هاء.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣١٩.
(٣) القرطبي ٩/ ٢٦٧.
(٤) عند قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [آية: ٢٠٠]، وقال هنالك ما ملخصه: نزغ الشيطان وساوسه وتحسه في القلب بما يسول للإنسان من المعاصي، وروى أبو عبيد عن أبي زيد: نزعت بين القوم إذا أفسدت.
(٥) "تهذيب اللغة" (لطف) ٤/ ٣٢٦٧ وفيه عمرو عن أبيه أن قال.. ، وانظر: "اللسان" (لطف) ٧/ ٤٥٣٦.
(٦) "اللسان" (لطف) ٧/ ٤٠٣٦، و"تهذيب اللغة" (لطف) ٤/ ٣٢٦٧.
(٧) الثعلبي ٧/ ١١٣ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٢٩١.


الصفحة التالية
Icon