وشرح ابن عباس (١) في رواية عطاء شرحًا شافيًا فقال: قال أهل مكة: ربنا وحده لا شريك له، والملائكة بناته فلم يؤمنوا، وقال عبدة الأصنام: ربنا الله وحده والأصأم شفعاؤنا عنده، فلم يؤمنوا. وقالت اليهود: ربنا الله وحده وعزير ابنه، فلم يؤمنوا، وقالت النصارى: ربنا الله وحده والمسيح ابنه، فلم يؤمنوا، وقال عبدة الشمس والقمر: ربنا الله وحده وهؤلاء يشفعون، فلم يؤمنوا، وقال المهاجرون والأنصار: ربنا الله وحده لا شريك له، فآمنوا وصدقوا.
قال أبو علي الفارسي (٢) في هذه الآية: ليس المؤمن هاهنا الذي آمن حقيقة، ولكن المعنى: أن أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم مشركون، وقد يطلق على المُظْهر الإيمانَ بلسانه اسم مؤمن، ولا يجوز أن يراد بذلك المدح، وكان الاسم البخاري على الفعل.
١٠٧ - قوله تعالى (٣): ﴿أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ﴾ قال ابن عباس (٤): يريد المشركين ﴿غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ﴾ عقوبة مجللة تغشاهم وتنبسط عليهم، قال الزجاج (٥): أن يأتيهم ما يغمرهم من العذاب، ﴿أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ أي: فجأة وبغتة مصدر منصوب على الحال، يقال: بغتهم الأمر بغتًا، إذا فاجأهم من حيث لم يتوقعوا، قال ابن عباس (٦): وذلك لا يكون إلا بغتة، وقد جاء أشراطها مع النبي - ﷺ -.
(٢) "الحجة" ١/ ٢٢٥.
(٣) (قوله تعالى) ساقط من (ج).
(٤) الثعلبي ٧/ ١١٦ أ، القرطبي ٩/ ٢٧٣.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣١، وفيه أن يأتيهم ما يعجزهم من العذاب، وانظر: "الدر المصون" ٦/ ٥٦٠.
(٦) الثعلبي ٧/ ١١٦ أ، والقرطبي ٩/ ٢٧٣ بنحوه.