وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون هذا تأكيدًا لقوله (بغتة) وتشديدًا لتأويلها، ويجوز أن يكون على التقديم بمعنى: أن تأتيهم غاشية من عذاب الله، وهم لا يشعرون وقوعها بهم.
١٠٨ - قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ قال المفسرون (١): قل لهم يا محمد هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها سبيلي، قال ابن زيد (٢): سُنَّتي ومنهاجي.
وقال مقاتل (٣): ديني، وسمى الدين سبيلًا لأنه الطريق الذي يؤدي إلى الثواب، ومثله قوله: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ [النحل: ١٢٥] أي: إلى دينه
قال أبو علي (٤): معنى السبيل في اللغة المدرجة والممر، ثم أشيع فيه حتى استعمل في المعتقدات والآراء في الديانات وغيرهما، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾ [الأعراف: ١٤٦] الآية.
وقولى تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ أي: معتقدي، وفسر السبيل بقوله: ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا﴾ قال ابن عباس (٥): يريد على دين ويقين، والبصيرة: المعرفة التي يميز بها الحق من الباطل، ومضى الكلام في هذا عند قوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٠٤].
(٢) الطبري ١٣/ ٨٠، وابن أبي حاتم ٧/ ٢٢٠٩، وانظر: "الدر" ٤/ ٧٦، والثعلبي ٧/ ١١٦ أ، والقرطبي ٩/ ٢٧٤، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٥٣.
(٣) "تفسير مقاتل" ١٥٨ أ، والثعلبي ٧/ ١١٦ ب.
(٤) "المسائل الحلبيات" ص. ٢٠.
(٥) البغوي ٤/ ٢٨٤، وابن عطية ٨/ ٩٥.