قال أبو إسحاق (١): المعنى أنه بصيرة للذين سألوا النبي - ﷺ -، فأنبأهم بقصة يوسف وهو عنها غافل، لم يقرأ كتابًا، وقال ابن الأنباري وأبو علي (٢): ويجوز أن يكون المفرد المنكور بالإيجاب يقع دالًّا على الكثرة، كما يكون ذلك في غير الإيجاب.
وقوله تعالى: ﴿لِلسَّائِلِينَ﴾ قال المفسرون (٣): سألت اليهود رسول الله - ﷺ - عن قصة يوسف فأخبرهم بها كما في التوراة فعجبوا منه، وقالوا: من أين لك هذا يا محمد؟. فقال: علمنيه ربي، فمعنى قوله ﴿لِلسَّائِلِينَ﴾ أي عن خبر يوسف وإخوته.
وقال الكلبي عن ابن عباس (٤): ﴿لِلسَّائِلِينَ﴾ لكل من سأل عن خبر يوسف وإخوته ليعلم علمه.
قال ابن الأنباري: معنى قوله ﴿لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ﴾ إلى آخر الآية، أن قوماً سألوا النبي - ﷺ - عن هذه القصة مُعنتًا ممتحنًا، فكأن الذي ورد من جوابه يضطر عقول أهل التمييز إلى الانقياد لتصديقه؛ لأنه شرح أخبار قوم لم يشاهدهم، ولم ينظر في الكتب إذ هو معروف بالأمية، وكان في هذا أعجب آية وأوضح دلالة للسائلين وغيرهم على صدق النبي - ﷺ -، وخص السائلين بكون الآيات لهم اكتفاء منهم بغيرهم؛ لأنه إذا كان لهم آية، كان
(٢) "الحجة" ٤/ ٣٩٧.
(٣) هذه عبارة الثعلبي ٧/ ٦٤ أ، والبغوي ٤/ ٤١٧، و"زاد المسير" ٤/ ١٨٢. وأخرجه البيهقي في الدلائل ٦/ ٢٧٦ من طريق الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس بنحوه.
(٤) مروي عن قتادة والضحاك كما في "الدر" ٤/ ٧، وانظر: "زاد المسير" ٤/ ١٨٢، القرطبي ٩/ ١٢٩.