مسند إلى المفعول وهو قوله: ﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ وأما قراءة العامة ﴿فننجي من نشاء﴾ وقال أبو علي (١): هو حكاية حال، ألا ترى أن القصة فيما مضى، وإنما حكى فعل الحال على ما كانت، كما أن قوله: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] أشار إلى الحاضر والقصة ماضية لأنه حكى الحال.
١١١ - قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ﴾ قال ابن عباس (٢): يريد إخوة يوسف وهم الأسباط، "عبرة" قال (٣): يريد فكرة، قال ابن الأنباري: معنى الاعتبار عند أهل اللغة: الاستعلام للشيء بالدلائل والشواهد من خواطر العقول وغيرها، يقول الرجل لغيره: اذهب فاعتبر وزن هذا الدرهم، يريد: استعمله وابحث عن خبره، وهذا يرجع إلى الفكر الذي فسره ابن عباس.
وقال غيره (٤): معنى الاعتبار التدبر والنظر في الأمر كقوله تعالى: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (٥) أي: تدبروا وانظروا فيما نزل بقريظة والنضير، فقايسوا أفعالهم واتعظوا بالعذاب الذي نزل بهم.
وقال أبو الهيثم (٦): العابر الذي ينظر في الكتاب فيعبره، أي: يعتبر

(١) "الحجة" ٤/ ٤٤٥.
(٢) "تنوير المقباس" ص ١٥٤، وانظر: الثعلبي ٧/ ١١٨ ب، والبغوي ٤/ ٢٨٧، و"زاد المسير" ٤/ ٢٩٧.
(٣) الطبري ١٦/ ٣١٢، وابن أبي حاتم ٧/ ٢٢١٣، وأبو الشيخ عن ابن عباس: معرفه، كما في "الدر" ٤/ ٨٧.
(٤) انظر "تهذيب اللغة" (عبر) ٣/ ٣٣٠٥ - ٣٣٠٦، و"اللسان" (عبر) ٥/ ٢٧٨٣.
(٥) الحشر: ٢، وفي جميع النسخ: يا أولي الألباب، وهو خطأ.
(٦) "تهذيب اللغة" (عبر) ٣/ ٢٣٠٥.


الصفحة التالية
Icon