"الذي" عطفًا على الكتاب بمعنى: وآيات الذي أنزل إليك، ثم رفع (١) الحق على معنى: ذلك الحق، أو هو الحق كقوله ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ وعلى قول ابن عباس في الكتاب أنه القرآن يجوز أن يكون "الذي" من نعت الكتاب، وإن كان فيه الواو كقوله (٢):
إلى المَلِكِ القَرْمِ وابن الهُمَام... البيت)
فعطف الواو وهو يريد واحداً، ويكون (الحق) مرفوعًا بما ذكرنا من الإضمار، هذا كله قول الفراء (٣) وأبي إسحاق (٤)، وزاد فقال: ويجوز أن يكون "الذي" رفعًا (٥) عطفًا على آيات، ويكون (الحق) مرفوعًا على إضمار "هو"، فحصل في "الذي" وجهان للرفع، ووجهان للخفض.
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قال ابن عباس (٦): يريد أهل مكة لا يؤمنون، وقال صاحب النظم: في هذه الآية، كأن قائلًا قال: الحق غير ما أنزل على محمد، فأجيب عن هذا القول بهذه الآية؛ أي: إن هذه الآيات والذي قبلها هو الحق، لا ما ذهبتم إليه. وهذا الذي ذكره معنى قول مقاتل (٧)، فإنه قال: نزلت هذه الآية حين قال مشركو
(٢) البيت بلا نسبة في "الإنصاف" لابن الأنباري ص ٣٧٦، و"خزانة الأدب" ١/ ٤٥١، ٥/ ١٠٧، ٦/ ٩١، و"شرح قطر الندى" ص ٢٩٥، و"الكشاف" ١/ ٤١، و"البحر" ٥/ ٢١٣، والقرطبي ١/ ٢٧٢، والطبري ١٣/ ٩٢.
(٣) معاني القرآن ٢/ ٥٧، ٥٨.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٥.
(٥) كذا في النسخ ولعله (رفع).
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٣٠٠.
(٧) "تفسير مقاتل" ١٥٨ ب، الثعلبي ٧/ ١١٩ أ.